قصائد مختارة
توفّيت الشاعرة الأميركية من أصل أفريقي مايا أنجلو Maya Angelou عن عمر ناهز 86 عاماً حفل بالإبداع في ميادين أدبية وفنية كثيرة. كانت شاعرة غزيزة ومقروءة على نطاق واسع، وقد عبّر شعرها دائماً عن جمال السود، وقوة النساء، والروح الإنسانية. انتقدت أنجلو حرب فيتنام، وطالبت بالعدالة الاجتماعية للجميع بدون استثناء، وعبّرتْ في شعرها أيضاً عن معاناة السود في أميركا وألمهم وإجبارهم على الخضوع وعن الشعور بالخطيئة الناجم عن قبول معاناة كهذه، وعن الاحتجاج وقوة الحياة.
استفاد شعرها من أدائها له: غالباً ما كانت أنجلو تلقي قصائدها أمام جمهور مسحور بها. ذلك أن شعرها تأثر أيضاً بالتقاليد الشفهية الأفريقية ـ الأميركية كمثل أناشيد العبيد. وبالإضافة إلى فحصها للتجربة الفردية فإن قصائد أنجلو غالباً ما تسبر مسائل كالعرق والجنس على ميزان سيكولوجي واجتماعي أكبر. إنها كما قالت عن نفسها: "الأنا" التي هن "نحن".
مايا أنجلو شاعرة وقاصة وكاتبة سيرة ذاتية، وناشطة. ولدت في سينت لويس، ميزوري. وعملت كمغنيّة وراقصة وممثلة ومؤلفة موسيقية، ومخرجة في هوليود، ولكنها استمدت شهرتها من كونها كاتبة ومحررة وكاتبة مقالة ومسرحية وشاعرة. وكناشطة حقوق مدنية عملت مايا أنجلو لمارتن لوثر الابن ومالكولم إكس.
عملت أيضاً في التدريس كأستاذة الدراسات الأميركية في جامعة ويك فوريست. وقد حصلت على أرقى الجوائز الأميركية.
ولدت مايا أنجلو في 4 نيسان\\أبريل، 1924 وتوفيت في 28 أيار\\مايو، 2014.
من دواوينها:
امنحوني شربة ماء باردة فقط قبل أن أموت (1971)
آه صلّوا لجناحيّ كي يلائماني (1975)
وما أزال أنهض (1978)
لن أتأثّر (1990)
حقيقة جريئة ومذهلة (1995)
امرأة استثنائية: أربع قصائد تحتفي بالنساء (1995)
طمأنينة مذهلة (2005)
تذكّر
يداكَ، بوزنهما الخفيف،
تُثيران النَّحْلَ
الذي بنى خلاياه في شَعْري،
ابتسامتكَ على
مُنْحدر خدّي. في هذه المناسبة،
تضغط فوقي،
متوهّجاً، متدفّقاً
باللهفة، كلغز
يغتصب عقلي
وحين تتراجع
ويتلاشى السِّحْرُ، ولا يبقى
إلا رائحة حبّك
بين نهْديَّ، حينئذ فحسب
أستطيع أن أستهلك
حضورك بنهم.
رفض
أيّها الحبيب،
في أيّ حيوات أو أراض أخرى
عرفتُ شفتيكَ،
ويديك ـ
وضحكك الجريء
الصفيق،
تلك التجاوزات العذبة
التي أعبدها؟
أية ضمانة هناك
بأننا سنلتقي مرة ثانية
في عوالم أخرى
في وقت ما غير محدد في المستقبل؟
سأتحدى استعجال جسدي،
لأنني بدون وعْد
بلقاء عَذْب آخر معكَ
لن أتنازل وأقدّم نفسي للموت.
حين يلمسنا الملاك
نحن، غير المعتادين على الجرأة
نحن المنفيين من المتعة
نحيا متكوّرين في أصداف العزلة
إلى أن يخرج الحبّ من معبده المقدس العالي
ويتبدّى في مدى بصرنا
ويحرّرنا ويخرجنا إلى الحياة.
يصل الحبّ،
وفي قطاره تأتي النشوات،
الذكريات القديمة عن المتعة،
التواريخ القديمة للألم.
و إذا ما كنا جسورين،
فإن الحبّ سينزع أصفاد الخوف
عن أرواحنا.
في فيض ضوء الحب
نُفْطم عن جبْننا
نتجاسرُ
ونرى فجأة
أن الحب يكلّف كلَّ ما نحن
وسيظلُّ هكذا أبداً.
مع ذلك لا شيء
يحرّرنا سواه.
وحيدة
وأنا مستلقية ليلة أمس كنت أفكّر
كيف أعثر لروحي على وطن
حيث الماء ليس ظامئاً
والرغيف ليس حجراً
وصلتُ إلى شيء واحد
ولا أظنني مخطئة،
أنه لا أحد،
لا أحد
يستطيع أن يشقّ طريقه لوحده هنا.
لوحده، لوحده فقط
لا أحد، لا أحد
يستطيع أن يشقّ طريقه لوحده هنا.
هناك بعض أصحاب الملايين
معهم أموال لا يعرفون كيف ينفقونها
زوجاتهم يركضْن كأرواح مشؤومة
أولادهم ينشدون ألحان البلوز
لديهم أطباء مكلفون جداً
كي يعالجوا قلوبهم الحجرية.
لكن لا أحد،
كلا، لا أحد،
لوحده، لوحده فقط
يستطيع أن يشقّ طريقه لوحده هنا.
والآن، اسمعوا بدقّة
سأقول لكم ما أعرفه
إنّ سُحُبَ العاصفة تتجمّع
والريح ستهبّ
سلالةُ الإنسان تعاني
وأستطيع سماع الأنين
لأنه لا أحد
لا أحد
يستطيع أن يشقَّ طريقه هنا لوحده.
لوحده لوحده
لا أحد، لا أحد
يستطيع أن يشقّ طريقهُ لوحده هنا.
رجال
في شبابي،
كنتُ أراقب الرجال من وراء الستائر،
وهم يمرون جيئة وذهاباً في الشارع.
كنتُ ألمح رجالاً سكارى مشردين، وعجائز،
شباناً بحدّة الخردل.
كنت أراهم. وكان الرجال دائماً
ذاهببن إلى مكان ما.
وعرفوا أنني هناك. كان عمري
خمس عشرة سنة وأتضوّر جوعاً إليهم.
تحت نافذتي، سيتوقفون،
أكتافهم عالية
كنهْدي فتاة شابة،
أذيال السترة تربت فوق
تلك المؤخرات،
رجال.
يوماً ما يُمْسكون بكِ برقّة
براحتي أكفّهم كما لو أنّكِ
آخر بيضة نيئة في العالم. ثم
يزداد توتّرهم. قليلاً فحسب. العناق
الأول ممتع. ضمة سريعة.
يدخل بنعومة وأنت مستسلمة. أكثر بقليل.
يبدأ الألم. تُطْلقين ابتسامة
تطوّق الخوف. وحين
ينفذ الهواء،
يُفرقع ذهنكِ، منفجراً بوحشية، لمدة وجيزة
كرأس عود ثقاب في المطبخ. يتناثر.
إنه عصيركِ
يجري على سيقانهم. يلوّث أحذيتهم،
وحين ينتهي الدوار وتشعرين بثبات الأرض،
وتحاول حاسة الذوق العودة إلى اللسان،
يكون جسدك قد انغلق. إلى الأبد،
تضيع المفاتيح.
ثم تنسدل ستائر النافذة على ذهنك.
هناك، خلف تأرجح الستائر تماماً، يسير الرجال
عارفين شيئاً ما
ذاهبين إلى مكان ما،
لكنني هذه المرة،
سأقف وأراقب فحسب.
ربما.
امرأة استثنائية
تتساءل النساء الجميلات أين تكمن أسراري.
فأنا لستُ جميلة وقوامي لا يناسب عارضة أزياء
ولكنني حين أخبرهنّ،
يعتقدْن أنني أكذب عليهنّ.
أقول:
تكمن في مدى ذراعيّ
واستدارة ردفيّ،
واتساع خطوتي،
وتغضّن شفتيّ.
أنا امرأة
على نحو استثنائي.
هذه أنا
امرأة استثنائية.
أدخل إلى غرفة
جذابة كما يسرّكم
فينهض الجميع أو
يركعون على ركبهم.
ثم يحتشدون حولي،
كخلية نحل.
أقول،
إنها النار في عينيّ،
ولمعان أسناني،
وتمايل خصري،
والبهجة في قدمي.
أنا امرأة
على نحو استثنائي.
امرأة استثنائية
هذه أنا.
تساءل الرجال
ما الذي رأوه فيّ؟
حاولوا كثيراً
لكنهم عجزوا عن استكناه
لغزي الباطنيّ.
وحين حاولتُ أن أريهم
قالوا إنهم ما يزالون عاجزين عن رؤية ذلك.
أقول،
إنه في قوس ظهري،
وشمس ابتسامتي،
وتوثّب نهديَّ
ورشاقة ابتسامتي.
أنا امرأة،
على نحو استثنائي.
امرأة استثنائية،
هذه أنا.
والآن تفهمون
لماذا لا ينحني رأسي،
لا أصرخ أو أقفز،
أو أضطر إلى التحدث بصوت مرتفع.
حين ترونني عابرة
يجب أن يشعركم هذا بالفخر.
أقول، إنها
في طقطقة كعبيّ،
وعقصة شعري
وراحة يدي
والحاجة إلى رعايتي
لأنني امرأة
على نحو استثنائي.
امرأة استثنائية،
هذه أنا.
[ترجمة وتقديم أسامة إسبر]